أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 15 جمادي الأولي 1444هـ ، الموافق 9 ديسمبر 2022م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير :  الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 9 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 9 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي : كما يلي:

أولًا: مفهومُ الأمانةِ وأنواعُهَا

ثانيًا: قصصٌ وصورٌ مشرقةٌ عن الأمانةِ

ثالثًا: أثرُ الأمانةِ في تحقيقِ الأمنِ المجتمعِي

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  9 ديسمبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: الأمانة صورها وأثرها في تحقيق الأمن المجتمعي : كما يلي:

 

خطبة بعنوان: الأمانةُ صورُهَا وأثرُهَا في تحقيقِ الأمنِ المجتمعِي بتاريخ: 15 جمادى الأولى 1444هـ – 9 ديسمبر 2022م

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: مفهومُ الأمانةِ وأنواعُهَا

مِن أهمِّ الأخلاقِ التي دعَا إليها الإسلامُ وحثَّ على التحلِّي بها ( خلقُ الأمانةِ)، والأمانةُ مِن أبرزِ أخلاقِ الرسلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ، فنوحٌ وهودٌ وصالحٌ ولوطٌ وشعيبٌ يخبرُنَا اللهُ عزَّ وجلَّ في سورةِ الشعراءِ أنَّ كلَّ واحدٍ منهم قد قال لقومِه: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}( الشُّعراء: 107)، ورسولُنَا مُحمدٌ عُرِفَ بصدقِه وأمانتِه بينَ أهلِ مكةَ، وكانوا يتركون ودائعَهُم عندَهُ ليحفظَهَا لهم، فكانوا يلقبونَهُ قبلَ البعثةِ بالصادقِ الأميِن، وحينمَا هاجرَ الرسولُ إلى المدينةِ، تركَ عليًّا بنَ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه ليردَّ الودائعَ والأماناتِ التي تركُوهَا عندَه.

إنَّ تحملَ الأمانةِ أمرٌ ليسَ بالهينِ اللينِ كما يعتقدُه الكثيرون، ولخطورةِ التفريطِ في الأمانةِ أبتْ السماواتُ والأرضُ والجبالُ حملَهَا، فعن الحسنِ البصرِيِّ أنَّه تَلَا هذه الآيةَ:{ إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ}(الأحزاب:72)، قال: عرضَهَا على السبعِ الطباقِ الطرائقِ التي زُيّنتْ بالنجومِ، فقِيلَ لها: هل تحملينَ الأمانةَ وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قِيلَ لها: إنْ أحسنتِ جُزِيتِ، وإنْ أسأتِ عوقبتِ. قالت: لا. ثم عرضَهَا على الأرضينَ السبعِ الشدادِ، التي شُدتْ بالأوتادِ، وذُللتْ بالمهادِ، فقِيلً لها: هل تحملينَ الأمانةَ وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قِيلَ لها: إنْ أحسنتِ جزيتِ، وإنْ أسأتِ عوقبتِ. قالت: لا. ثم عرضَهَا على الجبالِ الشوامخِ الصعابِ الصلابِ، قِيلَ لها: هل تحملينَ الأمانةَ وما فيها؟ قالت: وما فيها؟ قِيلَ لها: إنْ أحسنتِ جزيتِ، وإنْ أسأتِ عوقبتِ، قالت: لا. فقال لآدمَ: إنِّي قد عرضتُ الأمانةَ على السماواتِ والأرضِ والجبالِ فلم يطقْنَهَا، فهل أنت آخذٌ بما فيها؟ قال: يا رب، وما فيها؟ قال: إنْ أحسنتَ جزيتَ، وإنْ أسأتَ عوقبتَ. فأخذَهَا آدمُ فتحمَّلَهَا، فذلك قولُهُ: {وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا}أي: ظلَمَ نفسَهُ بحملِهِ إياهَا، جاهلًا حقَّ اللهِ فيهَا.( تفسير ابن كثير).

لهذا أمرَنَا اللهُ تعالى بأداءِ الأماناتِ فقالَ:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ( النساء: 58).

إنَّ مفهومَ الأمانةِ ليسَ قاصرًا على ردِّ الودائعِ والأماناتِ إلى أصحابِهَا، فهذا فهمٌ قاصرٌ لمعنَى الأمانةِ؛ لأنَّ معنَى الأمانةِ أشملُ مِن ذلك وأعظمُ منهُ بكثيرٍ، فالدينُ الذي منَّ اللهُ بهٍ عليكم أمانةٌ في أعناقِكُم، جسدُكَ أمانةٌ، أبناؤُكَ أمانةٌ، زوجتُكَ أمانةٌ، مالُكَ أمانةٌ، وظيفتُكَ وعملُكَ أمانةٌ، وطنُكَ أمانةٌ، كلُّ ما يتعلقُ بكَ أمانةٌ، الصلاةُ والصيامُ والزكاةُ والحجُّ وغيرُهَا مِن شعائرِ الدينِ أمانةٌ، مَن فرَّطَ في شيءٍ منها أو أخلَّ به فهو مفرطٌ فيمَا ائتمنَهُ عليهِ ربُّهُ تبارَكَ وتعالَى، البصرُ أمانةٌ، والسمعُ أمانةٌ، واليدُ أمانةٌ، والرجلُ أمانةٌ، واللسانُ أمانةٌ، والفرجُ والبطنُ وغيرُ ذلك أمانةٌ عندَكَ، وتبليغُ هذا الدينِ أمانةٌ أيضًا، فالرسلُ أمناءُ اللهِ على وحيهِ، قال :” أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً )(متفق عليه).

 وكذلك كلُّ مَن جاءَ بعدَهُم مِن العلماءِ والدعاةِ، فهم أمناءٌ في تبليغِ هذا الدينِ.

 والعِرْضُ أمانةٌ، فيجبُ عليكَ أنْ تحفظَ عرضَكَ ولا تضيعَهُ، فتحفظْ نفسَكَ مِن الفاحشةِ، وكذلك كلَّ مَن تحت يدِكَ، وتحفظهُم عن الوقوعِ فيها، قال أبيُّ بنُ كعبٍ رضي اللهُ عنه: مِن الأمانةِ أنَّ المرأةَ اؤتمنتْ على حفظِ فرجِهَا.

والولدُ أمانةٌ ، فحفظُهُ أمانةٌ ، ورعايتُهُ أمانةٌ ، وتربيتُهُ أمانةٌ.

والسرُّ أمانةٌ، وإفشاؤُهُ خيانةٌ، ولو حصلَ بينكَ وبينَ صاحبِكَ خصامٌ فهذا لا يدفعُكَ لإفشاءِ سرِّهِ، فإنَّه مِن لؤمِ الطباعِ، ودناءةِ النفوسِ، قال :”إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ “( الطبراني والترمذي وحسنه)، وأشدُّ مِن ذلك إفشاءُ السرِّ بينَ الزوجينِ، قال رسولُ اللهِ :” إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا “(مسلم).

والبيعُ والشراءُ أمانةٌ، فالمسلمُ لا يغِشُّ أحدًا، ولا يغدرُ بهِ ولا يخونُهُ، وقد ” مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي” (مسلم).

والعقلُ لدَى الإنسانِ أمانةٌ، فإنْ تعدّيتَ عليهِ بالمسكراتِ وغيبتَهُ عن الذكرِ والتفكرِ والعبادةِ فقد خنتَ الأمانةَ.

أنت نفسُكَ أمانةٌ، والدليلُ أنَّك حينما تموتُ وتُحملُ على الأعناقِ، يُقالُ: هاتُوا الأمانةَ، ضعُوا الأمانةَ، وتُلغَى الألقابُ والأسماءُ والمسمياتُ والأحسابُ والأنسابُ.

وهكذا نجدُ الأمانةَ تشملُ شؤونَ الحياةِ كلِّهَا ماديةً ومعنويةً: مِن عقيدةٍ وعبادةٍ ومعاملةٍ وأخلاقٍ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: قصصٌ وصورٌ مشرقةٌ عن الأمانةِ

تعالوا لنعرضَ قصصًا وصورًا مشرقةً لسلفِنَا الصالحِ عن الأمانةِ، كي نطبقَهَا على أرضِ الواقعِ. مِن هذه الصورِ:

الأمانةُ في القرضِ والمداينةِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ : أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا. قَالَ: صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟! قَالَ: أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا”(البخاري).

 هذا حالُهُم، أمَّا حالُنَا فيقول: ” السلفُ تلفٌ والردُّ خسارةٌ “، انظرْ لو أسلفتَ رجلًا مبلغًا مِن المالِ، يماطلُكَ ثم يخاصمُكَ ويتجنبُكَ إنْ طالبتَه، وتصيرُ قطيعةٌ بينكمَا بسببِ معروفٍ قدمتَهُ له!!

ومنها: الأمانةُ في الحراسةِ والعملِ: فقد “مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِرَاعِي غَنَمٍ, فَقَالَ: يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ هَلْ مِنْ جَزْرَةٍ ؟ (الشاة التي تُذبح كالجزور من الإبل) قَالَ الرَّاعِي: لَيْسَ هَا هُنَا رَبُّهَا, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَقُولُ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ , فَرَفَعُ الرَّاعِي رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ, ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَنَا وَاللَّهِ أَحَقُّ أَنْ أَقُولَ : فَأَيْنَ اللَّهُ ؟ فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ الرَّاعِي وَاشْتَرَى الْغَنَمَ, فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ الْغَنَمَ “.( مجمع الزوائد).

 وزيدَ في روايةِ: أعتقتْكَ هذه الكلمةُ في الدنيا، وأرجو اللهَ أنْ يعتقَكَ بها يومَ القيامةِ.

هذه رسالةٌ قويةٌ للرعاةِ وحراسِ المزارعِ والمصانعِ والشركاتِ والمؤسساتِ الحكوميةِ.

 ومنها: الأمانةُ في تحرِّي أكلِ الحلالِ:” فروي أنَّ رجلًا كان يسيرُ بجانبِ بستانٍ وجدَ تفاحةً ملقاةً على الأرضِ، فتناولَ التفاحةَ وأكلهَا، ثم حدثتْهُ نفسُهُ بأنَّه أتَى على شيءٍ ليس مِن حقِّه، فأخذَ يلومُ نفسَهُ، وقررَ أنْ يرَى صاحبَ هذا البستانِ، فإمّا أنْ يسامحَهُ في هذه التفاحةِ أو أنْ يدفعَ له ثمنَهَا، وذهبَ الرجلُ لصاحبِ البستانِ وحدّثَهُ بالأمرِ، فاندهشَ صاحبُ البستانِ لأمانةِ الرجلِ وقالَ له: لن أسامحَكَ في هذه التفاحةِ إلّا بشرطِ أنْ تتزوجَ ابنتِي، واعلمْ أنَّها خرساءُ عمياءُ صماءُ مشلولةٌ، إمَّا أنْ تتزوجَهَا وإمَّا لن أسامحَكَ في هذه التفاحةِ، فوجدَ الرجلُ نفسَهُ مضطرًا يوازِي بينَ عذابِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، فوجدَ نفسَهُ يوافقُ على هذه الصفقةِ، وحين حانتْ اللحظةُ التقى الرجلُ بتلك العروسِ، وإذ بها آيةٌ في الجمالِ والعلمِ والتقى، فاستغربَ كثيرًا، لماذا وصفَهَا أبوهَا بأنَّهَا صماءُ مشلولةٌ خرساءُ عمياءُ؟! فقالَ أبوهَا: إنَّها عمياءُ عن رؤيةِ الحرامِ، خرساءُ صماءُ عن قولِ وسماعِ ما يغضبُ الله، وقدمَاها مشلولةٌ عن السيرِ في طريقِ الحرامِ، وتزوّجَ هذا الرجلُ بتلك المرأةِ وكان ثمرةُ هذا الزواج: الإمامُ أبو حنيفةَ.” هذه رسالةٌ لِمَن لا يُبالِي بأكلِه وجمعِ مالِه أمِن حرامٍ أم مِن حلالٍ؟!

ومنها: الأمانةُ في البيعِ والشراءِ: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : “اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ. وَقَالَ الْآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا”( البخاري ).

هذه رسالةٌ للتجارِ والبائعين والمقاولين أنْ يتحلُّوا بالأمانةٍ؛ ليباركَ اللهُ في بيعهٍم وشرائهِم وتجارتهِم.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: أثرُ الأمانةِ في تحقيقِ الأمنِ المجتمعِي

أيُّها الإخوةُ المؤمنون: إنَّ أداءَ الأمانةِ بهذا المعنى وهذه الصورِ التي ذُكرتْ سرُّ سعادةِ الأممِ، يومَ كانت أمتُنَا مِن أصدقِ الشعوبِ والأممِ في حملِ هذه الأمانةِ والوفاءِ بها كانتْ أمتُنَا خيرَ أمةٍ أخرجتْ للناسِ.

فبادرْ بذلك يا عبدَاللهِ حتى لا تقعَ في زمرةِ الخائنين وتحمل الأمانةَ على عاتقِكَ في الآخرةِ حتى تؤديَهَا لصاحبِهَا، فعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قال:« القتلُ في سبيلِ اللهِ يكفرُ الذنوبَ كلَّهَا إلّا الأمانة، قال: يُؤتَى بالعبدِ يومَ القيامةِ، وإنْ قُتِلَ في سبيلِ اللهِ فيُقالُ: أدِّ أمانتِكَ، فيقولُ: أي ربِّ، كيف وقد ذهبتْ الدنيا؟ قال: فيُقالُ: انطلقُوا بهِ إلى الهاويةِ، فينطلقُ به إلى الهاويةِ، ويمثلُ له أمانتُهُ كهيئتِهَا يومَ دُفِعَتْ إليه، فيراهَا فيعرفهَا فيهوِي في أثرِهَا حتى يدركَهَا، فيحملهَا على منكبيهِ، حتى إذا ظنَّ أنَّه خارجٌ زلتْ عن منكبيهِ، فهو يهوِي في أثرِهَا أبدَ الآبدين، ثم قال: الصلاةُ أمانةٌ، والوضوءُ أمانةٌ، والوزنُ أمانةٌ، والكيلُ أمانةٌ، وأشياءٌ عددَهَا، وأعظمُ ذلك الودائع» فأتيتُ البراءَ بنَ عازبٍ فقلتُ: ألا تَرى إلى ما قال ابنُ مسعودٍ؟ قال: كذا « قال: صدقَ أمَا سمعتَ يقولُ اللهُ : ” إنَّ اللهَ يأمركُم أنْ تؤدُّوا الأماناتِ إلى أهلِهَا” (شعب الإيمان للبيهقي)، فالشهادةُ أعلى المراتبِ ومع ذلك لم تشفعْ ولم تغنِ عن الأمانةِ. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ فَيقالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ(متفق عليه)، فراجعْ نفسَكَ وأدِّ الأمانةَ قبلَ أنْ يرفعَ لواءُ غدرِك، فتفضحَ على الملأِ أمامَ الخلائقِ يومَ القيامةِ.

إنَّ أداءَ الأمانةِ له أثرُهُ الإيجابي الفعالُ في صلاحِ الفردِ والمجتمعِ وتحقيقِ الأمنِ المجتمعِي، فبأداءِ الأمانةِ تقوَى الصلاتُ، وتزدادُ الثقاتُ، وتترابطُ الأفرادُ والأسرُ والمجتمعاتُ، وتُحفظُ الحقوقُ والضيعاتُ، وتعمّ الرحماتُ والبركاتُ، وتكثرُ الخيراتُ، وتُصانُ الأعراضُ والحرماتُ، وقبلَ كلِّ ذلك يرضَى عنَّا ربُّ الأرضِ والسماواتِ!!!

نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا أمناءَ أوفياءَ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

الدعاء،،،،                  وأقم الصلاة،،،،                      كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                  د / خالد بدير بدوي

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »